الكسوف الأسري..ما السبب وراءه؟!
أن الأطفال يقضون مرحلة زمنية خارج المدرسة أطول مما يقضونها داخلها، ويتعلم الأطفال الأشياء في الأسرة بطريقة مختلفة عما يتم في المدرسة، في جميع الأحوال يعد الدور الذي تقوم به الأسرة سواء أكان جيدا أو سيئا في المرحلة الأولى من التنشئة الاجتماعية، يمر حاليا بمرحلة كسوف في في أغلب البلدان، مما يطرح مشكلة جديدة أمام المدرسة المعلمين، بعبارة أخرى، عندما كانت الأسرة تمنح الطفل الشعور بأنه عضو في المجتمع كانت مهمة المدرسة تقتصر على التعليم، أمام الآن فإن الأسرة لا تقوم بدورها الاجتماعي بشكل كامل، وبالتالي لا تقوم المدرسة بمهمتها الخاصة فقط، وإنما تواجه متطلبات جديدة غير مهيأة للقيام بها.
والآن ما هي الأسباب التي أدت إلى تخلي الأسرة عن وظائفها الخاصة؟
هناك أسباب اجتماعية وأسباب نفسية، إن الانحياز المتطرف إلى كل ما هو شبابي، والذي يظهر في نماذج السلوك المعاصرة متمثلة في (الموضة)، ورشاقة الجسم، والمحافظة على الشباب مهما كانت أن يكبر الإنسان وتبدو عليه علائم الشيخوخة ويعترف بذلك.
من الضروري لضمان نجاح الأسرة تربويا اعتراف شخص ما بنضجه، إن الأب الذي لا هدف له سوى إظهار ذاته على أنه صديق لأبنائه، يبدو وكأنه قرين عجوز، ويقدم خدمات ضئيلة في تربيته لأطفاله، والأم التي لا طموح لها سوى أن تبدو كأنها أكبر عمرا بقليل من ابنتها، لا تقدم الخدمات المطلوبة أيضا على هذا الأساس ينسحب الآباء من القيام بدور الأبوة، فتزداد الحاجة إلى قيام الدولة بهذا الدور.
لقد كان الطفل يعيش في ظلام مريح، يستغرب، وتثيره هذه الموضوعات التي لا جواب كامل لديه عنها، ينمو الطفل معجبا بحكمة الكبار وتتملكه الرغبة في الوصول إلى البلوغ للمشاركة فيها، لكن التلفاز حطم هذه الحواجز المحرمة كلها وبدأ يقدم كل شيء بسخاء وموضوعية، بل ويكشف هذه الأسرار بطريقة واضحة ومباشرة في أغلب الأحيان. وعندما كان المعلم سابقا يتلاعب بفضول الأطفال الراغبين في دخول عالم الأسرار المجرمة، وكان ثمن ذلك تلقي معلومات روتينية يصعب الاقتناع بها.
أصبح دور المعلم الآن مساعدة الأطفال في المدرسة، على تنظيم الكم الكبير من المعلومات التي تقلوها دون جهد عبر التلفاز، وتقديم بدائل عنها وتزويدهم بالأدوات المعرفية للاستفادة منها أو لتلافي ضررها على الأقل دون أن يتحول دوره إلى دور المقنع، وعدم إرغام الأطفال على قبول الأشياء كمسلمات وتوجيه أفكارهم نحو التعلم الذاتي. إذا كانت تلك نظرة سريعة ومختصرة للأسباب النفسية التي أدت إلى تخلي الأسرة عن دورها في التربية وتحميل المدرسة والمؤسسات الأخرى هذا العبء، والآن لابد من رسم خطوط عريضة للطريقة التي تمكن المدرسة من معالجة بعض الموضوعات التي من المنطقي أن تتحملها الأسرة بشكل أكبر، ومن هذه الموضوعات: الأخلاق، والدين، والجنس والمخدرات والعنف، هذه الأمور هي من المسائل الجوهرية التي يلح المجتمع على الوصول إلى حلول لها.
أولا الدين والأخلاق، اتفق علماء الأخلاق خلال التاريخ في رسائلهم الأخلاقية على ثلاث فضائل جوهرية تنبع منها الفضائل الأخرى كلها بدرجات متفاوتة وهي:
أ- شجاعة العيش في مواجهة الموت.
ب- كرم التعايش مع الآخرين.
ت- حذر العيش وسط الحاجات التي لا يمكن إلغاؤها.
أما موضوع الجنس أو التربية الجنسية، كانت المناقشة حول بداية المرحلة المناسبة لتدريس الموضوعات الجنسية، أما اليوم فإن الدعاية للتمتع الجنسي متوافرة من قبل الكثير من وسائل الإعلام ولا تحتاج إلى دعم المدرسة، فتأتي مهمة التربية في توضيح الغاية من العلاقة الجنسية، وهي الوصول إلى أجمل وأمتن العلاقات الإنسانية. وبالنسبة لمشكلة المخدرات فهي من أصعب الموضوعات التربوية والتي تقتصر جهود المعلمين في مواجهة هذا الموضوع على تقديم النصائح بعدم تقديس الأمور اللاشرعية.