أن تعلم أن الله مطلع على خواطرك. أن تستحي منه. أن تجله أن يرى ويعلم هذه الخواطر أنها ما زالت عندك موجودة. أن تخاف أن يطردك من جنابه. أن تساكن محبته قلبك لا محبة غيره. أن تخشى من شرر الخـواطر. أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يلقى للطائر ليصاد به، فاعلم أن كل خاطر منها حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر، فالخاطرة حبة ألقاها الشيطان لصيدك. أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة بل إنها تضادها من كل وجه. أن تعلم أن الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له، إذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته، فإذا أشغلت نفسك بالخواطر الطيبة كانت ساحل نجاة. أن الخواطر السيئة وادي الحمقاء وأماني الجاهلين لا تثمر إلا الندامة والخزي . أن تجعل مكان الخواطر السيئة خاطر الإيمان والمحبة والإنابة والتوكل والخشية، وأن تفرغ قلبك لها، وإذا أتاك الخاطر السيئ نفيته، لا تؤويه ولا تسكنه، لأنها أماني وهي رءوس أموال المفلسين، ومتى ساكن الخواطر صار مفلساً، وإياك إياك -يا أخي- أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك، فإنه يفسده عليك ويلقي بالوساوس الضارة. وأخيراً: فإن موضوع سياسة النفس ومعالجة النفس وترويضها وإصلاحها، والبداية من الخواطر التي جعلناها الجزء الثاني من الموضوع هي قضية جديرة بالاهتمام والعناية. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن زكوا أنفسهم وممن طهروها وعمروها بذكر الله وعبادته. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.