عدد الرسائل : 2 النشاط : نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 04/06/2008
موضوع: فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم الأربعاء يونيو 04, 2008 9:48 pm
اختاره وانتجبه قبل أن أرسله***
مسألة: يستحب أو يجب ـ كل في مورده ـ بيان فضائل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما بينت (عليها السلام) في خطبتها.
وكذلك بالنسبة إلى سائر الأنبياء والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) وبالنسبة إلى العلماء والصالحين أيضاً.
الاختيار الإلهي للرسول الأعظم (ص)
مسألة: يجب أن يكون اختيار النبي من قبل الله تعالى وبتعيينه سبحانه، وكذلك الإمام (عليه السلام)، حيث قالت: (اختاره وانتجبه) أي: لأن يكون رسوله الأخير إلى البشر وأفضل الرسل على الإطلاق، وفي حديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (فلم أزل خياراً من خيار).
قولها (عليها السلام): (وانتجبه) من النجابة، وقد نجب نجابة: إذا كان فاضلاً نفيساً في نوعه، أي اصطفاه، وذلك قبل أن خلقه وفطره، وفي زيارة الجامعة: (خلقكم أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين)(1) فإن النور تحول إلى إنسان، كما أن النار تحولت إلى الجان، وكما أن التراب تحول إلى البشر، قال تعالىوالله خلقكم من تراب)(2).
ومن الواضح إمكان تحول المادة إلى المادة، والمادة إلى الطاقة، وبالعكس، فقد اختاره الله وانتقاه قبل أن يرسله، أي إنه تعالى انتخب من عرف انه خير البشرية على الإطلاق، للرسالة.
والعلم كاشف وليس بعلة، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان سيخرج قمة القمم في مختلف الامتحانات الإلهية ـ حسب معرفته سبحانه وتعالى بعلم الغيب ـ لذلك انتخبه هو دون غيره ليحمله أعظم الرسالات والمسؤوليات الكونية على الإطلاق وأعطاه من الامتيازات الاستثنائية ما أعطاه.
وهناك وجه آخر: هو امتحانه جل وعلا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكل من عداه في عوالم سابقة، فأبدى (صلى الله عليه وآله وسلم) أهليته على الإطلاق، وقد يشير إلى هذا الوجه ما ورد في زيارة السيدة الزهراء (عليها السلام): (يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة)(3) وتفصيل البحث في علم الكلام والحديث.
مواصفات خاصة للنبي (ص) والإمام (عليه السلام)
مسألة: في قولها (عليها السلام): (اختاره وانتجبه) دليل على أن هنالك مواصفات استثنائية، يجب أن تتوفر في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام(عليه السلام).
فقد اختاره صلى الله عليه وآله وسلم وانتقاه الله تعالى بما يحمل من مواصفات تؤهله لكي يكون رسولاً لرب العالمين وحجة على الناس أجمعين.
ففي نفس كلمة (اختاره وانتجبه) دلالة على ذلك، حيث وقع الاختيار من بين الكل عليه وهو سبحانه أحكم الحكماء(4) على أن تفرد الله تعالى بهذا العمل وقيامه به بالذات دليل على ذلك، حيث ان غيره لايمكن أن يكتشف تلك الصفات الإستثنائية.
ومن هنا كان اعتراض الملائكة عليه سبحانه في قضية خلق آدم (عليه السلام)، قال تعالى: (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم مالا تعلمون)(5).
ومن جملة تلك الصفات: العصمة(6) اللازمة عقلاً وشرعاً في النبي والإمام عليهما السلام(7) والتي لا يعرفها إلا الله سبحانه وتعالى وقد أشار إليه الإمام (عليه الصلاة والسلام) في قصة اختيار موسى (عليه السلام) حيث اختار سبعين رجلاً ومع ذلك كفروا: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا)(.
وليس هذا نقصاً في موسى (عليه السلام)واختياره، وإنما هو بيان لأن الذين كانوا خيرة القوم حسب مختلف الظواهر كانوا هكذا فكيف إذا كانوا غير الخيرة، أو كانوا غير مختارين من قبل النبي (عليه السلام) وهو أدرى الناس بما يمكن للبشر معرفته من خفايا النفس البشرية.
أما بالنسبة إلى الفقهاء أو الوكلاء والرجوع إليهم، فهو بأمر الله سبحانه وتعالى أيضاً، قال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)(9) فحيث لم تشترط فيهم العصمة ولم تكن فيهم ضرورية ولا واقعة، لذلك أوكل الله تعالى معرفة مصاديقهم إلى الناس أنفسهم أو إلى أهل الخيرة منهم(10).
فلا يقال: لماذا يلزم في النبي والإمام (عليهما السلام) العصمة دون وكلائهم في حال حياتهم أو بعد غيبتهم، فإن القياس مع الفارق الكبير.
إضافة إلى عدم وجود القابلية لمقام العصمة في غير الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، إذ هو تعالى فياض حكيم يعطي فيضه ولطفه للقابل لاغير(11).
مواصفات وكلاء المعصومين (ع) وأتباعهم
مسألة: ومما سبق نعرف أن الفقهاء والوكلاء والقضاة وأئمة الجماعة والخطباء ومن أشبههم، بل عموم أتباع المعصومين (عليهم السلام) وإن لم يكونوا معصومين إلا ان من الضروري أن يتحلوا بكثير من الصفات التي توفر درجة من السنخية والتجانس مع موكليهم وأئمتهم وقادتهم، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (ألا وإن لكل مأموم إمام يقتدي به ويستضيء بنوره ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ألى وإنكم لاتقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد)(12).
ثم إن من تلك الصفات: ما ذكر في القرآن الكريم وورد في الأحاديث الشريفة حكاية عن حال الأنبياء (عليهم السلام) أو وصفاً للمؤمنين، مثل قوله سبحانه إنه كان عبداً شكورا)(13).
وقوله تعالى: (إنه كان صادق الوعد)(14).
وقوله سبحانه: (فبما رحمة من الله لنت لهم)(15).
وقوله تعالى: (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )(16).
وقوله سبحانه: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود)(17) الآية.
وقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون)(18) الآية.
وقوله سبحانه: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)(19).
وعنه عليه السلام: (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه)(20).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لايظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب، والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه، واللين والده)(21).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (المؤمن … بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً، وأذل شيء نفساً… يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل الغم، بعيد الهم، كثير الصمت، ذكور، صبور، شكور، مغموم بفكره، مسرور بفقـــره، سهل الخليقـــة، لين العـــريكـــة… أصــلب من الصلـــد، ومكادحته أحلى من الشهد، لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا متكلف ولا متعمق…)(22).
وهذه الصفات وإن كانت عامة إلا أن توفرها في الوكلاء آكد، كما لا يخفى.
وسماه قبل أن اجتباه
التسمية قبل الولادة
مسألة: يستحب التسمية للشخص قبل الولادة، وقد ورد في الروايات استحباب تسمية المولود قبل أن يولد، حتى إنهم قالوا: إذا عرف إنه ولد سمي باسم الولد، أو أنثى فباسم الانثى، أو مشكوك فباسم مشترك يصلح للذكر والأنثى.
وفي الحديث عن علي (عليه السلام): (سموا أولادكم قبل أن يولدوا، فان لم تدروا أذكر أم انثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى، فإن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسموهم يقول السقط لأبيه: ألا سميتني)(23).
ومن هذه الجهة سمى رسول الله محسناً قبل أن يولد(24).
قولها (عليها السلام) (اجتبله) أي: خلقه، فقد سماه جل وعلا لملائكته وأنبيائه قبل أن يخلقه(25) أو انه تعالى وضع له اسماً قبل أن يخلق مطلقاً(26).
واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة وبستر الأهاويل مصونة وبنهاية العدم مقرونة
من فضائله (ص)
مسألة: ينبغي التركيز والتأكيد على اختيار الله جل وعلا واصطفائه للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) و لسائر الرسل وللأئمة (عليهم السلام)، وبيان فلسفة ذلك أيضاً، كما سبق الإشارة إلى جانب منها وكما سيأتي في كلامها (عليها السلام): (علماً من الله بمآل الأمور…).
إذ ان ذلك إضافة إلى تضمنه توجيهاً وتربية، فإنه يزيد من شدة التفاف الناس حولهم وبهم (عليهم السلام).
قولها (عليها السلام): (إذ) بيان لظرف الاصطفاء، فالقبلية زمنية ورتبية أيضاً، فقد اختاره (صلى الله عليه وآله) لا قبل البعثة فحسب، بل قبل الخلقة أيضاً.
وفي الحديث عن جابر بن عبد الله: (قال: قلت لرسول الله: أول شيء خلقه الله ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير)(27).
ولا ينافي هذا ما ورد من أن (أول ما خلق الله عزوجل العقل)(28) لأن العقل الأكمل هو النبي (صلى الله عليه وآله) ونوره عقل.
و(الأهاويل) الأهوال، هذا تشبيه للعدم بالهول أو يقال: إن الأهوال شرور والشرور أعدام، كما ذكروا في علم الكلام في بـحث ان الـوجـود خير محـض
والعدم شر محض(29).
و(بنهاية العدم): العدم ليس بشيء حتى يكون له إبتداء، وإنما هو كناية عن العدم المحض الذي لا شائبة له من الوجود حتى الوجود الذهني والانتزاعي والاعتباري.
وهذه الجمل الثلاثة يحتمل أن يكون المراد بها واحداً، فبعضها بيان للبعض الآخر من باب التفنن في التعبير، ويحتمل أن يكون المراد بها الإشارة إلى التسلسل الوجودات في العوالم المتتالية، أو إلى مراتب الوجود(30).
علماً من الله تعالى بمآئل الأمور(31) وإحاطة بحوادث الدهور
علمه تعالى
مسألة: يجب الاعتقاد بعلمه تعالى و: (إن الله قد أحاط بكل شئ علماً)(33) (وهو بكل شئ عليم)(34) والتفصيل في علم الكلام.
كما يجب الاعتقاد بأنه عزوجل يعلم الغيب ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمركله)(35).
ولا يخفى ان علمه سبحانه من صفات الذات، كما هو مفصل في علم الكلام، قال الامام موسى بن جعفر (عليه السلام): (علم الله لا يوصف منه بأين ولا يوصف العلم من الله بكيف ولا يفرد العلم من الله ولا يبان الله منه وليس بين الله وبين علمه حد)(36).
Admin
(( المدير العــــام ))
عدد الرسائل : 4851 رقم العضوية : 1 النشاط : وسام التميز : ... : ... : .... : نقاط : 2356 تاريخ التسجيل : 03/06/2008